واختلف أيضا فى الموزون نفسه. فقال بعضهم: توزن الأعمال نفسها.
وهى وإن كانت أعراضا إلا أنها تجسم يوم القيامة فتوزن وقال بعضهم:
الموزون صحائف الأعمال، ويدل له حديث البطاقة المشهور، وقد رواه الترمذى، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، يرفعه بلفظ: «إن الله يستخلص رجلا من أمتى على رؤس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين رجلا، كل سجل منها مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا؟
أظلمك كتبتى الحافظون؟ فيقول: لا، يا رب، فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا، يا رب، فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات فى كفة والبطاقات فى كفة، قال: فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شئ» (?) .
فإن قلت: إن من شأن الميزان أن يوضع فى الكفة شئ وفى الآخرى ضده، فتوضع الحسنات فى كفة والسيئات فى كفة، والذى يقابل شهادة التوحيد الكفر، ويستحيل أن يأتى عبد واحد بالكفر والإيمان معا حتى يوضع الإيمان فى كفة والكفر فى أخرى؟
أجاب الترمذى الحكيم: بأنه ليس المراد وضع شهادة التوحيد فى كفة الميزان، وإنما المراد وضع الحسنة المترتبة على النطق بهذه الكلمة مع سائر الحسنات. ويدل لما قاله قوله: «بلى إن لك عندنا حسنة» ولم يقل لك عندنا إيمانا. وقد سئل- صلى الله عليه وسلم- عن لا إله إلا الله، أمن الحسنات هى؟ فقال: من أعظم الحسنات. أخرجه البيهقى وغيره. ويجوز- كما قاله القرطبى فى التذكرة- أن تكون هذه الكلمة هى آخر كلامه فى الدنيا، كما فى حديث