وقال الله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (?) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ «1»
الآية. أقسم تعالى بالبلد الأمين، وهى مكة أم القرى بلده- صلى الله عليه وسلم-، وقيده بحلوله- صلى الله عليه وسلم- فيه إظهارا لمزيد فضله، وإشعارا بأن شرف المكان بشرف أهله. قاله البيضاوى. ثم أقسم بالوالد وما ولد، وهو فيما قيل: إبراهيم وإسماعيل، وما ولد: محمد- صلى الله عليه وسلم-، وعلى هذا فتتضمن السورة القسم به فى موضعين، وقيل المراد به آدم وذريته، وهو قول الجمهور من المفسرين.
وإنما أقسم تعالى بهم لأنهم أعجب خلق الله على وجه الأرض لما فيهم من البيان والنظر واستخراج العلوم، وفيهم الأنبياء والدعاة إلى الله تعالى والأنصار لدينه، وكل ما فى الأرض من مخلوق خلق لأجلهم، وعلى هذا فقد تضمن القسم أصل المكان وأصل السكان، فمرجع البلاد إلى مكة، ومرجع العباد إلى آدم.
وقوله: وَأَنْتَ حِلٌّ «2» هو من: الحلول، ضد الظعن، فيتضمن إقسامه تعالى ببلده المشتمل على عبده ورسوله، فهو خير البقاع واشتمل على خير العباد فقد جعل الله بيته هدى للناس، ونبيه إماما وهاديا لهم، وذلك من أعظم نعمه وإحسانه إلى خلقه. وقيل: المعنى أنت مستحل قتلك وإخراجك من هذا البلد الأمين الذى يأمن فيه الطير والوحش، وقد استحل فيه قومك حرمتك. وهذا مروى عن شرحبيل بن سعد.
وعن قتادة: وَأَنْتَ حِلٌّ «3» أى لست باثم، وحلال لك أن تقتل بمكة