الموافقات (صفحة 99)

حَتَّى ظَهَرَ مَحْضُ الْإِجْبَارِ فِي عَيْنِ الْأَقْدَارِ، وَارْتَفَعَتْ حَقِيقَةُ أَيْدِيِ الِاضْطِرَارِ إِلَى الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، وَتَوَجَّهَتْ إِلَيْهِ أَطْمَاعُ أَهْلِ الِافْتِقَارِ؛ لَمَّا صَحَّ مِنْ أَلْسِنَةِ الْأَحْوَالِ صِدْقُ الْإِقْرَارِ، وَثَبَتَ فِي مُكْتَسَبَاتِ الْأَفْعَالِ حكمُ الِاضْطِرَارِ؛ فَتَدَارَكَنَا الرَّبُّ الْكَرِيمُ بِلُطْفِهِ الْعَظِيمِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا الْبَرُّ الرَّحِيمُ بِعَطْفِهِ الْعَمِيمِ؛ إِذْ لَمْ نَسْتَطِعْ مِنْ دُونِهِ حِيَلًا، وَلَمْ نَهْتَدِ1 بِأَنْفُسِنَا سُبلا، بِأَنْ جَعَلَ الْعُذْرَ1 مَقْبُولًا، وَالْعَفْوَ عَنِ الزَّلَّاتِ قَبْلَ [بَعْثِ الرِّسَالَاتِ مَأْمُولًا] 1؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الْإِسْرَاءِ: 15] .

فَبَعَثَ الْأَنْبِيَاءَ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- فِي الْأُمَمِ، كَلٌّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ مِنْ عَرَبٍ أَوْ عَجَمٍ؛ ليبيِّنوا لَهُمْ طَرِيقَ الْحَقِّ مِنْ أَمَمٍ2، وَيَأْخُذُوا بحُجزهم عَنْ مَوَارِدِ جَهَنَّمَ، وَخَصَّنَا مَعْشَرَ الْآخَرِينَ السَّابِقِينَ بلبنة تمامهم، ومسك3 ختامهم؛ محمد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015