سُكِتَ عَنْهُ، أَوْ مِمَّا وَقَعَ نَادِرًا مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ مُحَالًا بِهِ عَلَى آيَةِ التَّنْزِيهِ.
وَعَلَى هَذَا، فَالتَّعَمُّقُ فِي الْبَحْثِ فِيهَا وَتَطَلُّبُ مَا لَا يَشْتَرِكُ الْجُمْهُورُ فِي فَهْمِهِ خُرُوجٌ عَنْ مُقْتَضَى وَضْعِ الشَّرِيعَةِ الْأُمِّيَّةِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا جَمَحَتِ النَّفْسُ إِلَى طَلَبِ مَا لَا يُطْلَبُ مِنْهَا فَوَقَعَتْ فِي ظُلْمَةٍ لَا انْفِكَاكَ لَهَا مِنْهَا، وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ:
وَلِلْعُقُولِ قُوًى تَسْتَنُّ1 دُونَ مَدًى ... إِنْ تَعْدُهَا2 ظَهَرَتْ فِيهَا اضْطِرَابَاتُ
وَمِنْ طِمَاحِ النُّفُوسِ إِلَى مَا لَمْ تُكَلَّفْ بِهِ نَشَأَتِ الْفِرَقُ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا.
وَأَمَّا الْعَمَلِيَّاتُ، فَمِنْ مُرَاعَاةِ الْأُمِّيَّةِ فِيهَا أَنْ وَقَعَ تَكْلِيفُهُمْ بِالْجَلَائِلِ فِي الْأَعْمَالِ وَالتَّقْرِيبَاتِ3 فِي الْأُمُورِ، بِحَيْثُ يُدْرِكُهَا الْجُمْهُورُ كَمَا عَرَّفَ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ بِالْأُمُورِ الْمُشَاهَدَةِ لَهُمْ، كَتَعْرِيفِهَا بِالظِّلَالِ، وَطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ، وَغُرُوبِهَا وَغُرُوبِ الشَّفَقِ، وَكَذَلِكَ فِي الصِّيَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [الْبَقَرَةِ: 187] ، وَلَمَّا كَانَ فِيهِمْ مَنْ حَمَلَ الْعِبَارَةَ عَلَى حَقِيقَتِهَا، نَزَلَ4: {مِنَ الْفَجْرِ} .
وَفِي الْحَدِيثِ: "إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم" 5.