تَفَاضُلُ الْإِدْرَاكَاتِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا النَّظَرُ فِي الْقَدْرِ الْمُكَلَّفِ بِهِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يَبْلُغْنَا عَنْهُمْ مِنَ الْخَوْضِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ مَا1 يَكُونُ أَصْلًا لِلْبَاحِثِينَ وَالْمُتَكَلِّفِينَ، كَمَا لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ الْمُقْتَدَى بِهِمْ لَمْ يَكُونُوا إِلَّا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، بَلِ الَّذِي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ النَّهْيُ عَنِ الْخَوْضِ فِي الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ وَغَيْرِهَا، حَتَّى قَالَ: "لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ، حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ " 2.
وَثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَعَنْ تَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِي3 عَامًّا فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ وَالْعَمَلِيَّاتِ، وَأَخْبَرَ مَالِكٌ أَنَّ مَنْ تَقَدَّمَ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ إِلَّا فِيمَا تَحْتَهُ عَمَلٌ4، وَإِنَّمَا يُرِيدُ مَا كَانَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَهْتَدِي الْعُقُولُ لِفَهْمِهَا مما