الموافقات (صفحة 789)

وَاللَّبَنِ، وَالْخَمْرِ، وَالْعَسَلِ، وَالنَّخِيلِ، وَالْأَعْنَابِ، وَسَائِرِ مَا هُوَ عِنْدَهُمْ مَأْلُوفٌ دُونَ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ، وَالتُّفَّاحِ، وَالْكُمَّثْرَى، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فَوَاكِهِ الْأَرْيَافِ وَبِلَادِ الْعَجَمِ، بَلْ أَجْمَلَ ذَلِكَ فِي لَفْظِ الْفَاكِهَةِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النَّحْلِ: 125]

فَالْقُرْآنُ كُلُّهُ حِكْمَةٌ، وَقَدْ كَانُوا عَارِفِينَ بِالْحِكْمَةِ، وَكَانَ فِيهِمْ حُكَمَاءُ، فَأَتَاهُمْ مِنَ الْحِكْمَةِ بِمَا عَجَزُوا عَنْ مِثْلِهِ، وَكَانَ فِيهِمْ أَهْلُ وَعْظٍ وَتَذْكِيرٍ، كقُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ1 وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يُجَادِلْهُمْ إِلَّا عَلَى طَرِيقَةِ مَا يَعْرِفُونَ مِنَ الْجَدَلِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ الْقُرْآنَ وَتَأَمَّلَ كَلَامَ الْعَرَبِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ2، وَجَدَ الْأَمْرَ سَوَاءً إِلَّا مَا اخْتَصَّ بِهِ كَلَامُ اللَّهِ مِنَ الْخَوَاصِّ الْمَعْرُوفَةِ.

وَسِرْ فِي جَمِيعِ مُلَابَسَاتِ الْعَرَبِ هَذَا السَّيْرَ، تَجِدِ الْأَمْرَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَضَحَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ أُمِّيَّةٌ لَمْ تَخْرُجْ عما ألفته العرب3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015