الموافقات (صفحة 731)

عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ-، فَكَيْفَ يُسَوِّغُ إِطْلَاقُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنَافِعِ الْإِذْنُ وَفِي الْمَضَارِّ الْمَنْعُ؟

وَأَيْضًا، فَإِذَا كَانَتِ الْمَنَافِعُ لَا تَخْلُو مِنْ مَضَارَّ وَبِالْعَكْسِ، فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ الْإِذْنُ وَالنَّهْيُ عَلَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَكَيْفَ يُقَالُ: "أَنَّ الأصل في الخمر مثلا الإذان مِنْ حَيْثُ مَنْفَعَةِ الِانْتِشَاءِ وَالتَّشْجِيعِ1 وَطَرْدِ الْهُمُومِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا أَيْضًا الْمَنْعُ مِنْ حَيْثُ مَضَرَّةِ سَلْبِ الْعَقْلِ وَالصَّدِّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، وَهُمَا لَا يَنْفَكَّانِ2، أَوْ يُقَالُ: الْأَصْلُ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ الْمَنْعُ لِمَضَرَّةِ شُرْبِهِ لِكَرَاهَتِهِ وَفَظَاعَتِهِ وَمَرَارَتِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَهُمَا غَيْرُ مُنْفَكَّيْنِ؟ فَيَكُونُ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْإِذْنَ وَعَدَمَ الْإِذْنِ مَعًا، وَذَلِكَ مُحَالٌ.

فَإِنْ قِيلَ: الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ التَّعَارُضِ الرَّاجِحُ، فَهُوَ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ الْحُكْمُ، وَمَا سِوَاهُ فِي حُكْمِ المغفَل المطرَح.

فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَشُدُّ مَا تَقَدَّمَ3، إِذْ هُوَ دَلِيلٌ على أن المنافع ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015