فَصْلٌ:
فَإِنْ قِيلَ: الْحَاصِلُ مِمَّا تَقَدَّمَ إِيرَادُ أَدِلَّةٍ مُتَعَارِضَةٍ، وَذَلِكَ وَضْعُ إِشْكَالٍ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ فَهَلْ لَهُ مَخْلَصٌ أَمْ لَا؟
قِيلَ: نَعَمْ، مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
أَنْ يُوكَلَ ذَلِكَ إِلَى نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ؛ فَإِنَّمَا أَوْرَدَ هُنَا اسْتِدْلَالَ كُلِّ فَرِيقٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقَعَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ تَرْجِيحٌ، فَيَبْقَى مَوْقُوفًا عَلَى الْمُجْتَهِدِ، حَتَّى يَتَرَجَّحَ لَهُ أَحَدُهُمَا مُطْلَقًا، أَوْ يَتَرَجَّحَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَالْآخِرُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، أَوْ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ.
وَالثَّانِي:
أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ هَذَا الْكَلَامِ وَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ "الْمَقَاصِدِ" فِي تَقْرِيرِ أَنْوَاعِ الْمَشَاقِّ وَأَحْكَامِهَا، فَإِنَّهُ إِذَا تُؤُمِّلَ الْمَوْضِعَانِ؛ ظَهَرَ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَجْهُ الصَّوَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ:
كُلُّ أَمْرٍ شَاقٍّ جَعَلَ الشَّارِعُ فِيهِ لِلْمُكَلَّفِ مَخْرَجًا؛ فَقَصْدُ الشَّارِعِ بِذَلِكَ الْمَخْرَجِ أَنْ يَتَحَرَّاهُ الْمُكَلَّفُ إِنْ شَاءَ، كَمَا جَاءَ فِي الرُّخَصِ شَرْعِيَّةُ الْمَخْرَجِ مِنَ الْمَشَاقِّ، فَإِذَا تَوَخَّى الْمُكَلَّفُ الْخُرُوجَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شُرِعَ لَهُ؛ كَانَ مُمْتَثِلًا لِأَمْرِ الشَّارِعِ، آخِذًا بِالْحَزْمِ فِي أَمْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ؛ وَقَعَ1 في