الموافقات (صفحة 604)

{وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الْأَعْرَافِ: 157] .

وَقَدْ سُمِّيَ هَذَا الدِّينُ "الْحَنِيفِيَّةَ السَّمْحَةَ"1 لِمَا فِيهَا مِنَ التَّسْهِيلِ وَالتَّيْسِيرِ، وَأَيْضًا قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَسَائِلِ2 قَبْلَ هَذَا أَدِلَّةُ إِبَاحَةِ الرُّخَصِ، وَكُلُّهَا وَأَمْثَالُهَا جَارِيَةٌ هُنَا، وَالتَّخْصِيصُ بِبَعْضِ الرُّخَصِ دُونَ بَعْضٍ تَحَكُّمٌ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ.

وَلَا يُقَالُ: إِنَّ الْمَشَقَّةَ إِذَا كَانَتْ قَطْعِيَّةً؛ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ دُونَ الظَّنِّيَّةِ.

فَإِنَّ الْقَطْعَ مَعَ الظَّنِّ مُسْتَوَيَانِ فِي الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْفَرْقُ فِي التَّعَارُضِ، وَلَا تَعَارُضَ فِي اعْتِبَارِهِمَا مَعًا ههنا، وَإِذْ ذَاكَ لَا يَكُونُ الْأَخْذُ بِالْعَزِيمَةِ دُونَ الرُّخْصَةِ أَوْلَى، بَلْ قَدْ يُقَالُ: الْأَوْلَى الْأَخْذُ بِالرُّخْصَةِ؛ لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ الْعَبْدِ مَعًا؛ فَإِنَّ الْعِبَادَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا وَاقِعَةٌ لَكِنْ عَلَى مُقْتَضَى الرُّخْصَةِ، لَا أَنَّهَا سَاقِطَةٌ رَأْسًا بِخِلَافِ الْعَزِيمَةِ؛ فَإِنَّهَا تَضَمَّنَتْ حَقَّ اللَّهِ مُجَرَّدًا، وَاللَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ، وَإِنَّمَا الْعِبَادَةُ رَاجِعَةٌ إِلَى حَظِّ الْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَالرُّخْصَةُ أَحْرَى لِاجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ فِيهَا.

وَالرَّابِعُ 3:

إِنَّ مَقْصُودَ الشَّارِعِ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّخْصَةِ الرِّفْقُ بِالْمُكَلَّفِ عَنْ تَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ؛ فَالْأَخْذُ بِهَا مُطْلَقًا مُوَافَقَةٌ لقصده، بخلاف الطرف الآخر؛ فإنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015