فذلك غير مؤثر وإلا لزم أن يقدح فِيمَا أُمِرَ بِهِ1 بِالتَّرَخُّصِ، بَلِ الْجُزْئِيُّ إِذَا كَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ كُلِّيٍّ؛ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّخْصِيصِ لِلْعُمُومِ، أَوْ مِنْ بَابِ التَّقْيِيدِ لِلْإِطْلَاقِ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْأُصُولِ الْفِقْهِيَّةِ صِحَّةُ تَخْصِيصِ الْقَطْعِيِّ بِالظَّنِّيِّ؛ فَهَذَا أَوْلَى2، وَأَيْضًا إِذَا كَانَ الْحُكْمُ الرُّجُوعَ إِلَى التَّخْصِيصِ وَهُوَ بِظَنِّيٍّ، دُونَ أَصْلِ الْعُمُومِ وَهُوَ قَطْعِيٌّ؛ فَكَذَلِكَ هُنَا، وَكَمَا لَا يَنْخَرِمُ الْكُلِّيُّ بِانْخِرَامِ بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهِ -كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ- فَكَذَلِكَ هُنَا، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَنْخَرِمَ بِالرُّخَصِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَذَلِكَ فَاسِدٌ؛ فَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إِلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ 3:
إِنَّ الْأَدِلَّةَ عَلَى رَفْعِ الْحَرَجِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ بَلَغَتْ مَبْلَغَ الْقَطْعِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الْحَجِّ: 78] .
وَسَائِرِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى؛ كَقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [الْبَقَرَةِ: 185] .
{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النِّسَاءِ: 28] .
{مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} [الْأَحْزَابِ: 38] .