الموافقات (صفحة 449)

لَهُ قُدْرَةٌ عَنِ الْكَفِّ عَنْهُ.

وَمِنْ هَذَا مَسْأَلَةُ مَنْ تَابَ عَنِ الْقَتْلِ بَعْدَ رَمْيِ السَّهْمِ عَنِ الْقَوْسِ، وَقَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الرَّمِيَّةِ، وَمَنْ تَابَ مِنْ بِدْعَةٍ بَعْدَ مَا بَثَّهَا فِي النَّاسِ وَقَبْلَ أَخْذِهِمْ بِهَا، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْلَ رُجُوعِهِمْ عَنْهَا، وَمَنْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ، وَبِالْجُمْلَةِ بَعْدَ تَعَاطِي السَّبَبِ عَلَى كَمَالِهِ، وَقَبْلَ تَأْثِيرِهِ وَوُجُودِ مَفْسَدَتِهِ، أَوْ بَعْدَ وُجُودِهَا وَقَبْلَ ارْتِفَاعِهَا إِنْ أَمْكَنَ ارْتِفَاعُهَا؛ فَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَى الْمُكَلَّفِ هُنَا الِامْتِثَالُ مَعَ بَقَاءِ الْعِصْيَانِ، فَإِنِ اجْتَمَعَا فِي الْفِعْلِ الْوَاحِدِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ؛ كَانَ عَاصِيًا مُمْتَثِلًا، إِلَّا أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ لَا يَتَوَارَدَانِ عَلَيْهِ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْعِصْيَانِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهِ1 لِأَنَّهُ مُسَبَّبٌ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ قُدْرَتِهِ؛ فَلَا نَهْيَ إِذْ ذَاكَ، وَمِنْ جِهَةِ الِامْتِثَالِ مُكَلَّفٌ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْخُرُوجِ وَمُمْتَثِلٌ بِهِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا أَرَادَهُ الْإِمَامُ، وَمَا اعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَبِي هَاشِمٍ لَا يَرِدُ مَعَ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ2 إِذَا تَأَمَّلْتَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

- وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- جَعَلَ الْمُسَبَّبَاتِ فِي الْعَادَةِ تَجْرِي عَلَى وِزَانِ الْأَسْبَابِ فِي الِاسْتِقَامَةِ أَوِ الِاعْوِجَاجِ، فَإِذَا كَانَ السَّبَبُ تَامًّا وَالتَّسَبُّبُ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ كَانَ الْمُسَبَّبُ كذلك، وبالضد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015