الموافقات (صفحة 400)

بِالْقَصْدِ التَّكْلِيفِيِّ؛ فَلَا يَلْزَمُ قَصْدُ الْمُكَلَّفِ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ1 لِأَنَّ الْقَصْدَ إِلَى ذَلِكَ قَصْدٌ إِلَى مَا هُوَ فِعْلُ الْغَيْرِ، [وَلَا يُلْزَمُ أَحَدًا أَنْ يَقْصِدَ وُقُوعَ مَا هُوَ فِعْلُ الْغَيْرِ] 2؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِفِعْلِ الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا يُكَلَّفُ بِمَا هُوَ مِنْ فِعْلِهِ، وَهُوَ السَّبَبُ خَاصَّةً؛ فَهُوَ الَّذِي يَلْزَمُ الْقَصْدُ إِلَيْهِ، أَوْ يُطْلَبُ الْقَصْدُ إِلَيْهِ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مُوَافَقَةُ قَصْدِ الشَّارِعِ.

فَصْلٌ: 3

وَأَمَّا أَنَّ لِلْمُكَلَّفِ الْقَصْدَ إِلَى الْمُسَبَّبِ؛ فَكَمَا إِذَا قِيلَ لَكَ: لِمَ تَكْتَسِبُ؟ قُلْتَ: لِأُقِيمَ صُلْبِي، وَأَقُومَ فِي حَيَاةِ نَفْسِي وَأَهْلِي، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ الَّتِي تُوجَدُ عَنِ السَّبَبِ؛ فَهَذَا الْقَصْدُ إِذَا قَارَنَ التَّسَبُّبَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ الْتِفَاتٌ إِلَى الْعَادَاتِ الْجَارِيَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [الْجَاثِيَةِ: 12] .

وَقَالَ: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [الرُّومِ: 23] .

وَقَالَ: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا 4 مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015