الموافقات (صفحة 399)

إلى الْمُسَبَّبِ.

فَإِنْ قِيلَ1: قَصْدُ الشَّارِعِ إِلَى الْمُسَبَّبَاتِ وَالْتِفَاتُهُ إِلَيْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا مَطْلُوبَةُ الْقَصْدِ مِنَ الْمُكَلَّفِ، وَإِلَّا؛ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّكْلِيفِ إِلَّا مُطَابَقَةَ قَصْدِ الْمُكَلَّفِ لِقَصْدِ الشَّارِعِ؛ إِذْ لَوْ خَالَفَهُ لَمْ يَصِحَّ التَّكْلِيفُ كَمَا تَبَيَّنَ فِي مَوْضِعِهِ2 مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، فَإِذَا طَابَقَهُ صَحَّ، فَإِذَا فَرَضْنَا هَذَا الْمُكَلَّفَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلْمُسَبَّبَاتِ، وَقَدْ فَرَضْنَاهَا مَقْصُودَةً لِلشَّارِعِ؛ كَانَ بِذَلِكَ مُخَالِفًا لَهُ، وَكُلُّ تَكْلِيفٍ قَدْ خَالَفَ3 الْقَصْدُ فِيهِ قَصْدَ الشَّارِعِ فَبَاطِلٌ كَمَا تَبَيَّنَ؛ فَهَذَا كَذَلِكَ.

فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَلْزَمُ إِذَا فَرَضْنَا أَنَّ الشَّارِعَ قَصَدَ وُقُوعَ الْمُسَبَّبَاتِ بِالتَّكْلِيفِ بِهَا كَمَا قَصَدَ ذَلِكَ بِالْأَسْبَابِ, وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُسَبَّبَاتِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهَا، وَإِنَّمَا قَصْدُهُ وُقُوعُ الْمُسَبَّبَاتِ بِحَسَبِ ارْتِبَاطِ الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فِي الْخَلْقِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ خَلْقُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَثَرِ إِيقَاعِ الْمُكَلَّفِ لِلْأَسْبَابِ4 لِيَسْعَدَ مَنْ سَعِدَ وَيَشْقَى مَنْ شَقِيَ، فَإِذًا قَصْدُ الشَّارِعِ لوقوع المسببات لا ارتباط له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015