هُوَ الْمُمْتَنَعُ، أَمَّا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عِنْدَ الشَّارِعِ بِحَسَبِ التَّكْلِيفِ؛ فَالتَّكْلِيفُ بِهِ صَحِيحٌ، كَمَا صَحَّ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْخِصَالِ فِي الْكَفَّارَةِ؛ إِذْ لَيْسَ لِلشَّارِعِ قَصْدٌ فِي إِحْدَى الْخِصَالِ دُونَ مَا بَقِيَ؛ فَكَذَلِكَ هُنَا إِنَّمَا مَقْصُودُ الشَّارِعِ سَدُّ الْخَلَّاتِ عَلَى الْجُمْلَةِ، فَمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ1 [فِيهِ] 2 خَلَّةٌ فَلَا طَلَبَ، فَإِذَا تَعَيَّنَتْ وَقَعَ الطَّلَبُ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَهُوَ مُمْكِنٌ لِلْمُكَلَّفِ مَعَ نَفْيِ التَّعْيِينِ فِي مِقْدَارٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ.
وَهُنَا ضَرْبٌ ثَالِثٌ آخِذٌ بِشِبْهٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ الْأَوَّلِينَ؛ فَلَمْ يَتَمَحَّضْ لِأَحَدِهِمَا، هُوَ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، كَالنَّفَقَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالزَّوْجَاتِ، وَلِأَجَلِّ مَا فِيهِ مِنَ الشَّبَهِ بِالضَّرْبَيْنِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، هَلْ لَهُ تَرَتُّبٌ فِي الذِّمَّةِ أَمْ لَا؟ فَإِذَا تَرَتَّبَ؛ فَلَا3 يَسْقُطُ بِالْإِعْسَارِ4؛ فَالضَّرْبُ الْأَوَّلُ لَاحِقٌ بِضَرُورِيَّاتِ5 الدِّينِ، وَلِذَلِكَ مُحِضَ بِالتَّقْدِيرِ وَالتَّعْيِينِ، وَالثَّانِي لَاحِقٌ بِقَاعِدَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّزْيِينِ، وَلِذَلِكَ وُكِلَ إِلَى اجْتِهَادِ الْمُكَلَّفِينَ، وَالثَّالِثُ آخِذٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ بِسَبَبٍ مَتِينٍ؛ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ النَّظَرِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ عَلَى التَّعْيِينِ، والله أعلم.