الموافقات (صفحة 2600)

قوَّاه وثبتَهُ بتكراره في فِكْرِهِ وَوَعْظِ النَّفْسِ فِي اعْتِقَادِهِ، وَإِذَا أَتَاهُ خَاطِرُ الِاحْتِمَالِ الْآخَرِ ضَعَّفَهُ وَنَفَاهُ، وَكَرَّرَ نَفْيَهُ عَلَى فِكْرِهِ، وَمَحَاهُ عَنْ ذِكْرِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ الْمُقْتَدَى بِهِ ظَاهِرُهُ وَالْغَالِبُ مِنْ أَمْرِهِ الميلُ إِلَى الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَالتَّزَوُّدُ لِلْمَعَادِ، وَالِانْقِطَاعُ إِلَى اللَّهِ، وَمُرَاقَبَةُ أَحْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ؛ فَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا الْفَرْدَ الْمُحْتَمَلَ مُلْحَقٌ بِذَلِكَ الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، شَأْنَ الْأَحْكَامِ الواردة على هذا الوزان.

فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْفَرْدَ إِذَا تَعَيَّنَ هَكَذَا عَلَى هَذَا الْفَرْضِ فَقَدْ يَقْوَى الظَّنُّ بِقَصْدِهِ إِلَى الِاحْتِمَالِ الْأُخْرَوِيِّ؛ فَيَكُونُ مَجَالُ الِاجْتِهَادِ كَمَا سَيُذْكَرُ بِحَوْلِ اللَّهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا الْفَرْضُ بِنَاءً عَلَى مُجَرَّدِ تَحْسِينِ الظَّنِّ، بَلْ عَلَى نَفْسِ الظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ إِلَى دَلِيلٍ يُثِيرُهُ، وَالظَّنُّ الَّذِي يَكُونُ هَكَذَا قَدْ يَنْتَهِضُ فِي الشَّرْعِ سَبَبًا لِبِنَاءِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ، وَفَرْضُ مَسْأَلَتِنَا لَيْسَ هكذا، بل على جهة أن لا يَكُونَ لِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ تَرْجِيحٌ يُثِيرُ مِثْلُهُ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَيُضْعِفُ الِاحْتِمَالَ الْآخَرَ كَرَجُلٍ1 مُتَّقٍ لِلَّهِ مُحَافِظٍ عَلَى امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، لَيْسَ [لَهُ] 2 فِي الدُّنْيَا شُغْلٌ إِلَّا بِمَا كُلِّفَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ؛ فَمِثْلُ هَذَا لَهُ فِي هَذِهِ الدار حالان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015