عِنْدَ الْمُقْتَدَى بِهِ؛ فأدَّى إِلَى بِنَاءِ الِاقْتِدَاءِ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ بِنَاءً عَلَى ظُهُورِ عَلَامَاتِهِ؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا انْبَنَى عَلَى أَمْرٍ حَصَلَ لِلْمُقْتَدَى بِهِ عِلْمًا أَوْ ظَنًّا1، وَإِيَّاهُ قَصَد الْمُقْتَدِي بِاقْتِدَائِهِ فَصَارَ كَالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي الْأُمُورِ الْمُتَعَيَّنَةِ2.
وَالثَّالِثُ3: أَنَّ هَذَا الِاقْتِدَاءَ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّنَاقُضَ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقتدَى بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ظَنًّا مَثَلًا، وَمُجَرَّدُ تَحْسِينِ الظَّنِّ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا عِلْمًا وَلَا ظَنًّا، وَإِذَا لَمْ يَقْتَضِهِ لَمْ يَكُنْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَدْ فَرَضْنَا أَنَّهُ كَذَلِكَ، هَذَا خَلْفٌ مُتَنَاقِضٌ.
وَإِنَّمَا يَشْتَبِهُ هَذَا الْمَوْضِعُ مِنْ جِهَةِ اخْتِلَاطِ تَحْسِينِ الظَّنِّ بِنَفْسِ الظَّنِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ؛ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الظَّنَّ نَفْسَهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُقْتَدَى بِهِ مَثَلًا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ، حَسْبَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ الظَّنِّيَّةُ، بِخِلَافِ تَحْسِينِ الظَّنِّ؛ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَانَ فِي الْخَارِجِ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ الظَّنِّ أَوْ لَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الظَّنَّ نَاشِئٌ عَنِ الْأَدِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لَهُ ضَرُورَةً4 لَا انْفِكَاكَ لِلْمُكَلَّفِ5 عَنْهُ وَتَحْسِينُ الظَّنِّ أَمْرٌ اخْتِيَارِيٌّ لِلْمُكَلَّفِ غَيْرُ نَاشِئٍ عَنْ دَلِيلٍ يُوجِبُهُ وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى نَفْيِ بَعْضِ الْخَوَاطِرِ الْمُضْطَرِبَةِ الدَّائِرَةِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِالْمُقْتَدَى بِهِ، فَإِذَا جَاءَهُ خَاطِرُ الِاحْتِمَالِ الأحسن