وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ الَّذِي لَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ الْقَائِلِ: "وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ وَقَالَ: "لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ" 1، أَوْ: "لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى مُوسَى" 2، مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِالتَّفْضِيلِ3 أَيْضًا؛ فَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ4 فِي تَأْوِيلِهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَفْضِيلًا يُؤَدِّي إِلَى نَقْصِ بَعْضِهِمْ، قَالَ:
"وَقَدْ خَرَجَ الْحَدِيثُ عَلَى سَبَبٍ، وَهُوَ لَطْمُ الْأَنْصَارِيِّ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ؛ فَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَافَ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ هَذِهِ الْفِعْلَةِ انْتِقَاصُ [حَقِّ] 5 مُوسَى [عَلَيْهِ السَّلَامُ] 5؛ فَنَهَى عَنِ التَّفْضِيلِ الْمُؤَدِّي إِلَى نَقْصِ الْحُقُوقِ".
قَالَ عِيَاضٌ6: "وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ هَذَا وَإِنْ عَلِمَ بِفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ وَأَعْلَمَ بِهِ أُمَّتَهُ، لَكِنْ نَهَاهُ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ وَالْمُجَادَلَةِ بِهِ؛ إِذْ قَدْ يكون ذلك ذريعة إلى