فَبَيَّنَتِ الْآيَةُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْقَوْلِ الْفِعْلَ تَقْتَضِي كَذِبَ الْقَوْلِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ هَذَا، وَقَدْ قَالُوا فِي عِصْمَةِ1 الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ وَعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ: إِنَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَنْفِرُ عَمَّنْ كَانَتْ هَذِهِ سَبِيلُهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى جَارٍ مِنْ بَابِ أَوْلَى فِيمَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ، بِالنِّسْبَةِ إِلَى فُرُوعِ الْمِلَّةِ فَضْلًا عَنْ أُصُولِهَا؛ فَإِنَّهُمْ لَوْ كَانُوا آمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ [وَلَا يَفْعَلُونَهُ] وَنَاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَأْتُونَهُ -عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ- لَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى2 منفِّر وَأَقْرَبَ صادٍّ عَنِ الاتباع؛ فمن كان في رتبة الوارثة لَهُمْ؛ فَمِنْ حَقِيقَةِ نَيْلِهِ الرُّتْبَةَ ظُهُورُ الْفِعْلِ عَلَى مِصْدَاقِ الْقَوْلِ.
وَلَمَّا نَهَى3 عَنِ الرِّبَا قَالَ: "وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رَبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ" 4.
وَحِينَ وَضَعَ الدِّمَاءَ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ: "وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دَمُنَا: دم ربيعة بن الحارث" 5.