فَمِثْلُ هَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُعْتَدَّ بِهِ خِلَافًا فِي الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الْإِمَامِ عَنِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اطِّرَاحٌ مِنْهُ لِلْأَوَّلِ وَنَسْخٌ لَهُ بِالثَّانِي، وَفِي هَذَا مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ تَنَازُعٌ، وَالْحَقُّ فِيهِ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا1، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّرِيعَةَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَصِحُّ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الْوَجْهُ عَلَى أَعَمِّ مِمَّا ذُكِرَ كَأَنْ يَخْتِلَفَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَوْلَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ إِلَى الْآخَرِ، كَمَا ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 فِي الْمُتْعَةِ وَرِبَا الْفَضْلِ، وَكَرُجُوعِ3 الْأَنْصَارِ إِلَى الْمُهَاجِرِينَ فِي مَسْأَلَةِ الْغُسْلِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَى مِثْلُ هَذَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
وَالسَّادِسُ: أَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْعَمَلِ لَا فِي الْحُكْمِ، كَاخْتِلَافِ الْقُرَّاءِ فِي وُجُوهِ القراءات، فإنهم لم يقرؤوا به على إنكار غيره، بل على