الْأَوَّلِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لَمْ يَدُلَّ عَلَى وَضْعِ الِاخْتِلَافِ شَرْعًا1، بَلْ وَضْعُهَا لِلِابْتِلَاءِ؛ فَيَعْمَلُ الرَّاسِخُونَ عَلَى وَفْقِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَيَقَعُ الزَّائِغُونَ فِي اتِّبَاعِ أَهْوَائِهِمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الراسخون هُمُ الْمُصِيبُونَ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ فِي الْإِيمَانِ بِالْمُتَشَابِهَاتِ عَلِمُوهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمُوهَا، وَأَنَّ الزَّائِغِينَ هُمُ الْمُخْطِئُونَ؛ فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ إِلَّا أَمْرٌ2 وَاحِدٌ، لَا أَمْرَانِ وَلَا ثَلَاثَةٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ [إِنْزَالُ] 3 الْمُتَشَابِهِ عَلَمًا لِلِاخْتِلَافِ وَلَا أَصْلًا فِيهِ, وَأَيْضًا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْقَسِمِ الْمُخْتَلِفُونَ فِيهِ إِلَى مُصِيبٍ وَمُخْطِئٍ4، بَلْ كَانَ يَكُونُ الْجَمِيعُ مُصِيبِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَصْدِ الْوَاضِعِ لِلشَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِصَابَةَ إِنَّمَا هِيَ بِمُوَافَقَةِ [قَصْدِ] 3 الشَّارِعِ، وَأَنَّ الْخَطَأَ بِمُخَالَفَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا مُنْقَسِمِينَ إِلَى مُصِيبٍ وَمُخْطِئٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ لَيْسَ بِمَوْضِعِ اخْتِلَافٍ شَرْعًا.
وَأَمَّا مَوَاضِعُ الِاجْتِهَادِ5؛ فَهِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى نَمَطِ التَّشَابُهِ لأنها دائرة بين