الْخِيَرَةُ فِي الْعَمَلِ بِأَيِّهَا شَاءَ، لِأَنَّهُمَا صَارَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَالِاخْتِلَافُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لا يشاء إِلَّا مِنْ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ؛ فَقَدْ ثَبَتَ إِذًا فِي الشَّرِيعَةِ تَعَارُضُ الْأَدِلَّةِ؛ إِلَّا أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى مَنْعِ الِاخْتِلَافِ يُحْمَلُ على الاختلاف في أصول الدِّينِ لَا فِي فُرُوعِهِ، بِدَلِيلِ وُقُوعِهِ فِي الْفُرُوعِ مِنْ لَدُنْ زَمَانِ الصَّحَابَةِ إِلَى زَمَانِنَا.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ الْقَوَاعِدَ الْمُعْتَرَضَ بِهَا يَجِبُ أَنْ يُحَقَّقَ النَّظَرُ فِيهَا بِحَسَبِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ فَإِنَّهَا مِنَ الْمَوَاضِعِ الْمُخَيَّلَةِ1.
أَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُتَشَابِهَاتِ؛ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُدَعَى فِيهَا أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ قَصْدَ الِاخْتِلَافِ شَرْعًا2؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ، وَكَوْنِهَا3 قَدْ وُضِعَتْ؛ {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الْأَنْفَالِ: 42] لَا نَظَرَ فِيهِ؛ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ