الموافقات (صفحة 1979)

وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَهِيَ فِي الْمَكِّيَّاتِ نَظِيرُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْمَدَنِيَّاتِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ....} إِلَى قَوْلِهِ: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الْأَنْعَامِ: 1] .

وَذَكَرَ الْبَرَاهِينَ التَّامَّةَ، ثُمَّ أَعْقَبَهَا بِكُفْرِهِمْ وَتَخْوِيفِهِمْ بِسَبَبِهِ، إِلَى أَنْ قَالَ: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} [الْأَنْعَامِ: 12] .

فَأَقْسَمَ بِكَتْبِ الرَّحْمَةِ عَلَى إِنْفَاذِ الْوَعِيدِ عَلَى مَنْ خَالَفَ، وَذَلِكَ يُعْطِي التَّخْوِيفَ تَصْرِيحًا، وَالتَّرْجِيَةَ ضِمْنًا.

ثُمَّ قَالَ: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الْأَنْعَامِ: 15] ؛ فَهَذَا تَخْوِيفٌ.

وَقَالَ: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ} الْآيَةَ [الْأَنْعَامِ: 16] ، وَهَذَا تَرْجِيَةٌ.

وَكَذَا قَوْلُهُ: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ} الْآيَةَ [الْأَنْعَامِ: 17] .

ثُمَّ مَضَى فِي ذِكْرِ التَّخْوِيفِ، حَتَّى قَالَ: {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الْأَنْعَامِ: 32] .

ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [الْأَنْعَامِ: 36] .

وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ} الْآيَةَ [الْأَنْعَامِ: 39] .

ثُمَّ [جَرَى] 1 ذِكْرُ ما يليق بالموطن إلى لأن قَالَ: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ} الْآيَةَ [الْأَنْعَامِ: 48] .

وَاجْرِ فِي النَّظَرِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ، يَلُحْ1 لَكَ وَجْهُ الْأَصْلِ الْمُنَبَّهِ عَلَيْهِ، وَلَوْلَا الْإِطَالَةُ لَبُسِطَ مِنْ ذلك كثير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015