الموافقات (صفحة 1870)

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:

الْعُمُومُ إِذَا ثَبَتَ؛ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَثْبُتَ مِنْ جِهَةِ صِيَغِ الْعُمُومِ فَقَطْ، بَلْ لَهُ طَرِيقَانِ:

أَحَدُهُمَا: الصِّيَغُ إِذَا وَرَدَتْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْأُصُولِ.

وَالثَّانِي: اسْتِقْرَاءُ مَوَاقِعِ الْمَعْنَى حَتَّى يَحْصُلَ مِنْهُ فِي الذِّهْنِ أَمْرٌ كُلِّيٌّ عَامٌّ؛ فَيَجْرِي فِي الْحُكْمِ مَجْرَى الْعُمُومِ الْمُسْتَفَادِ مِنَ الصِّيَغِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الثَّانِي وُجُوهٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ هَكَذَا شَأْنُهُ؛ فَإِنَّهُ تصفُّح جُزْئِيَّاتِ ذَلِكَ الْمَعْنَى لِيَثْبُتَ مِنْ جِهَتِهَا حُكْمٌ عَامٌّ؛ إِمَّا قَطْعِيٌّ1، وَإِمَّا ظَنِّيٌّ2، وَهُوَ أَمْرٌ مُسَلَّمٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ؛ فَإِذَا تَمَّ الِاسْتِقْرَاءُ حُكِمَ بِهِ مُطْلَقًا فِي كُلِّ فَرْدٍ يُقَدَّرُ3، وَهُوَ مَعْنَى الْعُمُومِ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَالثَّانِي: أن التواتر المعنوي هذا معناه؛ فإن وجود حَاتِمٍ مَثَلًا إِنَّمَا ثَبَتَ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، وَعَلَى الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ، بِنَقْلِ وَقَائِعَ خَاصَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ تَفُوتُ الْحَصْرَ، مُخْتَلِفَةٍ فِي الْوُقُوعِ، مُتَّفِقَةٍ فِي مَعْنَى الْجُودِ؛ حَتَّى حَصَّلَتْ لِلسَّامِعِ مَعْنًى كُلِّيًّا حُكِمَ بِهِ عَلَى حاتم وهو الجود، ولم يكن خصوص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015