وَسَرْدِ الصِّيَامِ1، وَالتَّبَتُّلِ2، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرٌ.
وَمِثْلُهُ الْمَطْلُوبُ طَلَبَ الْوُجُوبِ عَزِيمَةً، قَدْ يَصِيرُ بِالْقَصْدِ الثَّانِي مَطْلُوبَ التَّرْكِ، إِذَا كَانَ مُقْتَضَى الْعَزِيمَةِ فِيهِ مُشَوِّشًا3 وَعَائِدًا عَلَى الْوَاجِبِ بِالنُّقْصَانِ؛ كَقَوْلِهِ: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ" 4، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَدْ يَصِيرُ مَطْلُوبَ التَّرْكِ بِالْقَصْدِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُعَارِضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَأَنَّ الْمَدْحَ وَالذَّمَّ رَاجِعٌ إِلَى مَا بُثَّ فِي الْأَرْضِ وَعَلَى مَا وُضِعَ فِيهَا مِنَ الْمَنَافِعِ عَلَى سَوَاءٍ5؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7] .