قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1 بَعْدَ مَا ذَكَرَ مِنْهُمْ جُمْلَةً وَوَصَفَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَهُمْ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ عَلَى دِينِ الْمَلِكِ مَعَ اخْتِلَافٍ مِنْ أَمْرِهِمْ -يُرِيدُ فِي شَأْنِ عِيسَى-: "يَقُولُونَ: هُوَ اللَّهُ؛ لأنه كان يحيي الموتى، ويبرئ الْأَسْقَامَ، وَيُخْبِرُ بِالْغُيُوبِ، وَيَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطير ثم ينفخ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا، وَيَقُولُونَ: هُوَ وَلَدُ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ يُعْلَمُ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ بِشَيْءٍ لَمْ يَصْنَعْهُ وَلَدُ2 آدَمَ قَبْلَهُ، وَيَقُولُونَ: هُوَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ فَعَلْنَا، وَأَمَرْنَا، وَخَلَقْنَا، وَقَضَيْنَا، وَلَوْ3 كَانَ وَاحِدًا؛ لَمَا قَالَ إِلَّا فعلتُ وقضيتُ وأمرتُ وخلقتُ، وَلَكِنَّهُ هُوَ وَعِيسَى وَمَرْيَمَ".
قَالَ: "فَفِي كُلِّ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ4 قَدْ نَزَلَ الْقُرْآنُ، يَعْنِي صَدْرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آلِ عِمْرَانَ: 64] ؛ فَفِي الْحِكَايَةِ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ أَنَّهُمْ5 مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَاسُوهُ بِالْعَبِيدِ؛ فَنَسَبُوا لَهُ الصَّاحِبَةَ وَالْوَلَدَ، وَأَثْبَتُوا لِلْمَخْلُوقِ ما لا يَصْلُحُ إِلَّا لِلْخَالِقِ، وَنَفَوْا عَنِ الْخَالِقِ الْقُدْرَةَ عَلَى خَلْقِ إِنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ أَبٍ، وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمُ الْإِيمَانَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَتَنْزِيهَهُ عَمَّا لا يليق به فيم يَفْعَلُوا، بَلْ حَكَمُوا عَلَى الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ بِمُقْتَضَى