الموافقات (صفحة 1531)

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:

وَهِيَ أَنَّ الْمُتَشَابِهَ الْوَاقِعَ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ1:

أَحَدُهُمَا حَقِيقِيٌّ.

وَالْآخَرُ إِضَافِيٌّ.

وَهَذَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِهَا نَفْسِهَا، وَثَمَّ ضَرْبٌ آخَرُ رَاجِعٌ إِلَى الْمَنَاطِ الَّذِي تَتَنَزَّلُ2 عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ.

فَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ، وَمَعْنَاهُ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ لَنَا سَبِيلٌ إِلَى فَهْمِ مَعْنَاهُ، وَلَا نُصِبَ لَنَا دَلِيلٌ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ، فَإِذَا نَظَرَ الْمُجْتَهِدُ فِي أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَتَقَصَّاهَا وَجَمَعَ أَطْرَافَهَا؛ لَمْ يَجِدْ فِيهَا مَا يُحكم لَهُ مَعْنَاهُ، وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَقْصُودِهِ وَمَغْزَاهُ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ قَلِيلٌ لَا كَثِيرٌ، وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ السَّابِقَةُ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ سِوَى مُجَرَّدِ الْإِيمَانِ بِهِ، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي فَصْلِ الْبَيَانِ وَالْإِجْمَالِ، وَفِي نَحْوٍ مِنْ هَذَا نَزَلَتْ آيَةُ آلِ عِمْرَانَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آلِ عِمْرَانَ: 7] ، حِينَ قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015