وَإِنْ دَخَلَ فِيهِ تِلْكَ الْأَنْوَاعُ كُلِّهَا الَّتِي مَدَارُ الْأَدِلَّةِ عَلَيْهَا؛ فَلَا تَشَابُهَ فِيهَا بِحَسَبِ الواقع إذ هي قد فسرت، فالعموم1 الْمُرَادِ بِهِ الْخُصُوصُ قَدْ نُصِبَ الدَّلِيلُ عَلَى تَخْصِيصِهِ، وَبُيِّنَ الْمُرَادُ بِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "لَا عَامَّ إِلَّا مُخَصَّصٌ"2؛ فَأَيُّ تَشَابُهٍ فِيهِ وَقَدْ حَصَلَ بَيَانُهُ؟ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْأَنْوَاعِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُتَشَابِهًا عِنْدَ عَدَمِ بَيَانِهِ، وَالْبُرْهَانُ قَائِمٌ عَلَى الْبَيَانِ وَأَنَّ الدِّينَ قَدْ كَمُلَ قَبْلَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِذَلِكَ لَا يَقْتَصِرُ ذُو الِاجْتِهَادِ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْعَامِّ مَثَلًا حَتَّى يَبْحَثَ عَنْ مُخَصِّصِهِ، وَعَلَى الْمُطْلَقِ حَتَّى يَنْظُرَ هَلْ له مقيد أم لا؛ إذ كَانَ حَقِيقَةُ الْبَيَانِ3 مَعَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا؛ فَالْعَامُّ مَعَ خَاصِّهِ هُوَ الدَّلِيلُ، فَإِنْ فُقِدَ الْخَاصُّ؛ صَارَ الْعَامُّ مَعَ إِرَادَةِ4 الْخُصُوصِ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَشَابِهِ، وَصَارَ ارْتِفَاعُهُ5 زَيْغًا وَانْحِرَافًا عَنِ الصواب.