الموافقات (صفحة 144)

السَّبَبِ، حَيْثُ تَرَكُوا الِاقْتِصَارَ مِنَ الْعِلْمِ عَلَى مَا يَعْنِي، وَخَرَجُوا إِلَى مَا لَا يَعْنِي؛ فَذَلِكَ فِتْنَةٌ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ وَالْعَالِمِ، وَإِعْرَاضُ الشَّارِعِ -مَعَ حُصُولِ السُّؤَالِ- عَنِ الْجَوَابِ مِنْ أَوْضَحِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ اتِّبَاعَ مِثْلِهِ مِنَ الْعِلْمِ فِتْنَةٌ أَوْ تَعْطِيلٌ لِلزَّمَانِ فِي غَيْرِ تَحْصِيلٍ.

- وَمِنْهَا: أَنَّ تَتَبُّعَ النَّظَرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وتطلب عمله مِنْ شَأْنِ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ يَتَبَرَّأُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ1، وَلَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ إِلَّا بِتَعَلُّقِهِمْ بِمَا يُخالف السُّنَّةَ؛ فَاتِّبَاعُهُمْ فِي نِحْلَةٍ هَذَا شَأْنُهَا خَطَأٌ عَظِيمٌ، وَانْحِرَافٌ عَنِ الجادَّة.

وَوُجُوهُ عَدَمِ الِاسْتِحْسَانِ كَثِيرَةٌ.

فَإِنْ قِيلَ: الْعِلْمُ مَحْبُوبٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَمَطْلُوبٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَقَدْ جَاءَ الطَّلَبُ فِيهِ عَلَى صِيَغِ الْعُمُومِ وَالْإِطْلَاقِ، فَتَنْتَظِمُ صِيَغه كُلَّ عِلْمٍ، وَمِنْ جُمْلَةِ الْعُلُومِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عَمَلٌ، وَمَا لَا يتعلَّق بِهِ عَمَلٌ؛ فَتَخْصِيصُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِالِاسْتِحْسَانِ دُونَ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ2، وَأَيْضًا؛ فَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّ تَعَلُّمَ كُلِّ عِلْمٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ، كَالسِّحْرِ وَالطَّلْسَمَاتِ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْعُلُومِ الْبَعِيدَةِ الْغَرَضِ عَنِ الْعَمَلِ3، فَمَا ظَنُّكَ بِمَا قَرُبَ مِنْهُ؛ كَالْحِسَابِ، وَالْهَنْدَسَةِ، وَشِبْهِ ذَلِكَ؟ وَأَيْضًا؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015