الموافقات (صفحة 1349)

ظَاهِرٌ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي ذَوْقُ العسيلة، وقد صحل في المحلل، ولو كان قصد التحيل مُعْتَبَرًا فِي فَسَادِ هَذَا النِّكَاحِ لَبَيَّنَهُ عَلَيْهِ الصلاة والسلام، ولأن كونه حيلة لا يمنعه، وَإِلَّا لَزِمَ ذَلِكَ فِي كُلِّ حِيلَةٍ؛ كَالنُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ لِلْإِكْرَاهِ، وَسَائِرِ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقِسْمِ الْجَائِزِ بِاتِّفَاقٍ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَكَانَ مُوَافِقًا لِلْمَنْقُولِ؛ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ مُوَافَقَتِهِ لِقَصْدِ الشَّارِعِ1.

وَكَذَلِكَ إِذَا اعْتُبِرَتْ جِهَةُ الْمَصْلَحَةِ؛ فَمَصْلَحَةُ هَذَا النِّكَاحِ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ قُصِدَ فِيهِ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، إِذْ كَانَ تَسَبُّبًا فِي التَّآلُفِ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ فِيهِ الْقَصْدُ إِلَى الْبَقَاءِ الْمُؤَبَّدِ، لِأَنَّ هَذَا هُوَ التَّضْيِيقُ2 الَّذِي تَأْبَاهُ الشَّرِيعَةُ، وَلِأَجْلِهِ شُرِعَ الطَّلَاقُ، وَهُوَ كَنِكَاحِ النَّصَارَى، وَقَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاءُ النِّكَاحَ بِقَصْدِ حَلِّ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى الرَّغْبَةِ فِي بَقَاءِ عِصْمَةِ الْمَنْكُوحَةِ، وَأَجَازُوا نِكَاحَ الْمُسَافِرِ فِي بَلْدَةٍ لَا قَصْدَ لَهُ إِلَّا قَضَاءُ الْوَطَرِ زَمَانَ الْإِقَامَةِ بِهَا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُ إِذَا شُرِعَتِ الْقَاعِدَةُ الْكُلِّيَّةُ لِمَصْلَحَةٍ أَنْ تُوجَدَ الْمُصْلِحَةُ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا عَيْنًا حَسَبَمَا تَقَدَّمَ، كَمَا فِي نِكَاحِ حَلِّ الْيَمِينِ، وَالْقَائِلِ: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةً فَهِيَ طَالِقٌ، عَلَى رَأْيِ مَالِكٍ فِيهِمَا وَفِي نِكَاحِ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

هَذَا تَقْرِيرُ بَعْضِ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ الِاحْتِيَالِ هُنَا، وَأَمَّا تَقْرِيرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015