الموافقات (صفحة 1161)

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ:

الْعَوَائِدُ أَيْضًا ضَرْبَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى وُقُوعِهَا فِي الْوُجُودِ:

أَحَدُهُمَا:

الْعَوَائِدُ الْعَامَّةُ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَالْأَحْوَالِ، كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْفَرَحِ وَالْحُزْنِ، وَالنَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ، وَالْمَيْلِ إِلَى المُلائم وَالنُّفُورِ عَنِ الْمُنَافِرِ، وَتَنَاوُلِ الطَّيِّبَاتِ وَالْمُسْتَلَذَّاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُؤْلِمَاتِ وَالْخَبَائِثِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَالثَّانِي:

الْعَوَائِدُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَالْأَحْوَالِ، كَهَيْئَاتِ اللِّبَاسِ وَالْمَسْكَنِ، وَاللِّينِ فِي الشِّدَّةِ وَالشِّدَّةِ فِيهِ، وَالْبُطْءِ وَالسُّرْعَةِ فِي الْأُمُورِ، وَالْأَنَاةِ وَالِاسْتِعْجَالِ، وَمَا كَانَ نَحْوَ ذَلِكَ.

فَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَيُقْضَى بِهِ عَلَى أَهْلِ الْأَعْصَارِ الْخَالِيَةِ وَالْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ، لِلْقَطْعِ بِأَنَّ مَجَارِيَ سُنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ عَلَى هَذَا السَّبِيلِ وَعَلَى سُنَنِهِ لَا تَخْتَلِفُ عُمُومًا كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَكُونُ مَا جَرَى مِنْهَا فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ مَحْكُومًا بِهِ عَلَى الزَّمَانِ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ مُطْلَقًا، كَانَتِ الْعَادَةُ وُجُودِيَّةً أَوْ شَرْعِيَّةً.

وَأَمَّا الثَّانِي، فَلَا يَصِحُّ أن يقضى به على من تَقَدَّمَ الْبَتَّةَ، حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الْمُوَافَقَةِ من خارج، فإذا ذَاكَ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى مَا مَضَى بِذَلِكَ الدَّلِيلِ لَا بِمَجْرَى الْعَادَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَيْضًا الْعَادَةُ الْوُجُودِيَّةُ وَالشَّرْعِيَّةُ1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015