أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ لِوَلِيٍّ وَلَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ أَنْ يَقْتُلَ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، وَإِنَّ عَلِمَ أَنَّهُ طُبِعَ كَافِرًا، وَأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ أَبَدًا، وَأَنَّهُ إِنْ عَاشَ أَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَإِنْ أُذِنَ لَهُ مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ قَرَّرَتِ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَإِنَّمَا الظَّاهِرُ فِي تِلْكَ الْقِصَّةِ أَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى مُقْتَضَى شَرِيعَةٍ أُخْرَى، وَعَلَى مُقْتَضَى عِتَابِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِعْلَامِهِ أَنَّ ثَمَّ عِلْمًا آخَرَ وَقَضَايَا أُخر لَا يَعْلَمُهَا هُوَ1.
فَلَيْسَ كُلُّ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ مِنَ الْغُيُوبِ يُسَوِّغُ لَهُ شَرْعًا أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
مَا خَالَفَ الْعَمَلُ بِهِ ظَوَاهِرَ الشَّرِيعَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِحَّ رَدُّهُ إِلَيْهَا، فَهَذَا لَا يَصِحُّ الْعَمَلُ عَلَيْهِ الْبَتَّةَ.
وَالثَّانِي:
مَا لَمْ يُخَالِفْ [الْعَمَلُ] 2 بِهِ شَيْئًا مِنَ الظَّوَاهِرِ، أَوْ إِنْ ظَهَرَ مِنْهُ خِلَافٌ، فَيَرْجِعُ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ إِلَيْهَا، فَهَذَا يُسَوَّغُ الْعَمَلُ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا الطَّرِيقُ، فَهُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ يُرَبِّي الْمُرَبِّي، وَبِهِ يُعَلَّقُ هِمَمُ السَّالِكِينَ تَأَسِّيًا بِسَيِّدِ الْمَتْبُوعِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْخُرُوجِ عَنْ مُقْتَضَى الْحُظُوظِ، وَأَوْلَى بِرُسُوخِ الْقَدَمِ، وَأَحْرَى بِأَنْ يُتَابَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَيُقْتَدَى به فيه، والله أعلم.