وقال أبو تمام:
لم تسق بعد الهوى ماء أقل قذى ... كماء قافية يسقيكه فهم
من كل بيت يكاد الميت يفهمه ... حسناً ويعبده القرطاس والقلم
يظل سالكه والفكر مالكه ... كأنه مستهام أو به لمم
مالي ومالك مثل وهي منشدة ... إلا زهير وقد أصغى له هرم
قوله: «كماء قافية يسقيكه فهم»، جعل للقافية ماء يسقى، وجعل فيه قذى إلا أن قذاة أقل قذى من كل ماء الهوى، وجعل للهوى أيضاً ماء قليل القذى، وهذه استعارة في غاية الركاكة والقبح والبعد من صواب الاستعارات، لأن الهوى بأن توصف بكثرة القذى أولى من أن توصف بقلته، وقال: «يسقيكه فهم» فحرك الهاء، وهو يريد فهم قائلها، ولم يرد القافية نفسها، وإنما أراد القصيدة.
وقوله: «يظل سالكه» أي سالك الفهم الذي يسلك في المعنى، والفكر مالكه، «كأنه مستهام» يعني الفهم لكثرة تردده وتسكعه.
وقوله: «من كل بيت يكاد الميت يفهمه»، فالأحياء ما فهمته فهلا عن الموتى؟!