هي جوهر نثر فإن ألفته ... بالنظم صار قلائداً وعقودا

في كل معترك وكل مقامة ... يأخذن منه ذمة وعهودا

فإذا القصائد لم تكن خفراءها ... لم ترض منها مشهداً مشهودا

من أجل ذلك كانت العرب الألي ... يدعون هذا سؤدداً محدودا

وتند عندهم العلى إلا على ... جعلت لها مرر القصيد قيودا

قوله: «يأخذن منه ذمة وعهودا» يعني المساعي يأخذن من الشعر، «فإذا القصائد لم تكن خفراء المعالي» بأن تضمها وتنظمها «لم ترض منها مشهداً مشهودا» أراد أن يقول: لم يذكر منها مشهد، ولم يرو، ولم يتحدث به، فجعل مكان هذا «لم ترض»، وذلك أن الشعر يقيد المآثر، والحديث عنها منثوراً يقع فيه الزيادة والنقص، ثم ينسى، فهذا هو السؤدد المحدود الذي لم يتفق له من يقيده بالشعر، وقد أوضح هذا المعنى بالبيت الأخير، وكل حسن جميل.

وقال البحتري:

أيذهب هذا الدهر لم ير موضعي ... ولم يدر ما مقدار حلي ولا عقدي

ويكسد مثلي وهو تاجر سؤدد ... يبيع ثمينات المكارم والحمد

سوائر شعر جامع بدد العلى ... تعلقن من قبلي وأتعبن من بعدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015