وهذا معنى في غاية الجودة، إلا أنه كان ينبغي أن يجعل الغيث في موضع الغمام، والغمام في موضع الغيث، لأن الذي يراد ليس هو الغمام، وإنما هو الغيث، ولو قال:
كالغيم ليس له أردنا غيثه ... أم لم نرد بد من التهطال
أو «كالمزن» فإنهما لفظة أحسن من الغيم كان عندي أصح وأجود، وقوله:
ثم جدت وما انتظرت سؤالي
معنى قد ابتذلته الشعراء، وتقدمت فيه، ألا ترى إلى قول أبي العتاهية:
فلم نبغه فبه يبتدينا
وقال مسلم بن الوليد:
أخ لي يعطيني إذا ما سألته ... ولو لم أعرض بالسؤال ابتدانيا
وأجود من كل جيد في هذا قول سلم الخاسر:
أعطاك قبل سؤاله ... فكفاك مكروه السؤال
وقال أبو تمام أيضاً:
أسائل نصر لا تسله فإنه ... أحن إلى الإرفاد منك إلى الرفد
وهذا جيد بالغ، وهو قريب من قول مروان بن أبي حفصة:
لمعن بما يعطي من الذي ... بما نال من معروفه يتمول