كتاب «النهاية» لابن الأثير أجمعُ للحديث والغريب، وأسهل ترتيباً، وأضبط في عرض المتون؛ لاختصاصه ورجوعه للمصادر، فهو قد فاق «الفائق» ووصل النهاية.
ولا يزيد «الفائق» عليه إلا بالمسائل اللغوية من: نحو، وصرف، وبلاغة
والحقيقة أن الباحث القاصد كتب غريب الحديث، لا يعنيه كثيراً هذه الميزة اللغوية الاستطرادية في الغالب، وإنما يعنيه شمول الكتاب للغريب، وبيان جميع الأحاديث التي ورد فيها هذه اللفظة، مع بيان واضحٍ يزيل الغموض أو يرفع الالتباس، وأما المسائل اللغوية فلها فنٌ خاص بها، كما قيل في عدم اهتمام كتب الغريب ببيان صحة الأحاديث وضعفها؛ لأن لها مجالاً آخر، فيقال هنا: الاستطرادات اللغوية لها مجال آخر، ويبقى «النهاية» كافياً، وفائقاً، ونِهايَةً.
في «الفائق» (3/ 287): (كهر): [كهر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال معاوية بن الحكم السلمي: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعطس بعض القوم، فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم، وجعلوا يضربوا بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني، قلت: واثكل أمياه! مالكم تصمتونني! فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته فبأبي هو وأمي، ما رأيتُ معلماً قبله ولا بعده كان أحسن تعليماً منه، ما ضربني ولا شتمني ولا كهرني قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي للتسبيح والتكبير وقراءة القرآن. كهر الكهر والهر والقهر: أخوات. وفي قراءة عبد الله: (فأما اليتيم فلا تكهر). يقال: كهرت الرجل: إذا زبرته واستقبلته بوجه عابس، وفلان ذو كهرورة. وأنشد أبو زيد لزيد الخيل:
ولست بذى كهرورة غير أنني ... إذا طلعت أولى المغيرة أعبس.]