الجواب الأول: أن الحكم الثابت بالاستصحاب: البقاء، والبقاء
لا يكون حكماً شرعيا، فلا يحتاج إلى دليل شرعي.
الجواب الثاني: لو سلمنا أن البقاء حكم شرعي، فالاستصحاب
دليل شرعي؛ لما بيناه من أنه يفيد الظن، وما يفيد الظن: يكون
دليلاً شرعيا.
الدليل الثاني: لا يوجد ظن في بقاء الشيء على ما كان مع جواز
القياس، فإنه يجوز أن يقع قياس بنفي حكم ما كان.
جوابه:
إنا نقول بأن الاستصحاب لا يستدل به ولا يفيد ظن الحكم عندنا
إلا بعد استقراء الأدلة المتفق عليها وهي: الكتاب، والسّنَّة،
والإجماع، والقياس، وعدم وجدان ما يعارض الأصل.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف في هذه المسألة معنوي؛ حيث أثر في كثير من الفروع
الفقهية، ومنها:
1 - ما خرج من غير السبيلين هل ينقض الوضوء؟
اختلف على قولين:
القول الأول: إنه لا ينقض الوضوء، واستدل أكثر أصحاب هذا
القول بالاستصحاب، حيث قالوا: إن الأصل عدم النقض،
فيستصحب هذا الأصل حتى يثبت الدليل بخلافه.
القول الثاني: إنه ينقض الوضوء، ولم يستدل أصحاب هذا
القول بالاستصحاب، بل استدلوا بنصوص ثبتت عندهم،
ومنها: ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"الوضوء من كل دم سائل ".