اعلم إنه لا يمكن أن تحيط بعلم شيء من الأشياء أو أمر من الأمور
إلا إذا عرفت مفرداته أولاً، ثم عرفت وأدركت نسبة تلك المفردات
بعضها إلى بعض.
فيكون إدراك العلوم على ضربين هما: " التصوُّر " و " التصديق ".
فأما الضرب الأول وهو التصوُّر فهو علم الذوات المفردة - فقط -
كأن تعلم معنى " العالم "، ومعنى " الحادث "، ومعنى "الجسم "،
ومعنى " القديم "، ومعنى " الحركة "، نعلم معاني تلك الكلمات،
ونفهمها كل واحدة على حدة بدون إضافتها إلى غيرها، وهذا يُسمَّى
بالتصوّر.
أي: إدراك وفهم وعلم ماهية الشيء بلا حكم عليها بنفي أو
إثبات، فلم يحصل سوى صورة الشيء في الذهن - فقط -.
والتصور لا يمكن أن يدخله التصديق أو التكذيب، لأمرين:
أولهما: أن إدراك الذوات المفردة وعلمها فقط هو: إدراك لماهية
الشيء بلا حكم عليها بنفي أو إثبات، فأين الذي يُصدَّق أو يُكذَّب؟
تانيهما: أن التصديق والتكذيب لا يتطرق إلا إلى الخبر، والذوات
المفردة، مثل: " العالم "، و " الإنسان "، و " السماء "، ليست