كان الصحابة - رضي اللَّه عنهم - في زمن - صلى الله عليه وسلم - إذا حدثت حادثة أخذوا حكمها من الوحي، سواء كان مباشراً وهو القرآن، أو
غير مباشر وهو السُّنَّة، فكانوا يلجأون في هذا كله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فلما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - كان الصحابة - رضي اللَّه عنهم - يأخذون حكم أي حادثة من الكتاب، فإن لم يجدوا حكمها فيه، أخذوه من السُّنَّة، فإذا لم يجدوا في السُّنَّة، اجتهدوا وبحثوا عن الأشباه
والأمثال، - ومعرفة العلل الشرعية، فيقيسون ما لم يكن بما كان،
ويجتهدون في معرفة المقاصد والمصالح، ونحو ذلك، ويحرصون
كل الحرص على الأخذ برأي الجماعة.
وسار التابعون - رحمهم اللَّه - على هذا المنهج، وزاد بعضهم
أصلاً آخر، وهو الرجوع إلى فتاوى الصحابة - رضي اللَّه عنهم -.
فكثر الاجتهاد، وكثرت طرقه، وتعددت وجوهه، فبعضهم
يكتفي بظاهر النص، وبعضهم لا يكتفي بذلك، بل يغوص على
المعاني، فيرى أن أكثر الأحكام معللة، ثم يبنون على هذه العلل
الأحكام وجوداً وعدماً.
فلما جاء عصر الأئمة المجتهدين: أصبح لكل إمام قواعد قد
اعتمدها في الفتوى والاجتهاد.