الدليل الرابع: أن اللَّه سبحانه أخبر عن نفسه بأنه رؤوف رحيم

بعباده بقوله تعالى: (وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) ، وغيرها من

الآيات، وخبر اللَّه تعالى صدق لا شك في ذلك، ونسخ الحكم من

الأخف إلى الأثقل ينافي تلك الرحمة والرأفة مما يؤدي إلى أن يكون

خبر اللَّه كذباً، وهذا محال.

جوابه:

يجاب عنه: بأن كون اللَّه تعالى يتصف بالرحمة والرأفة لا يمنع

من نسخ الشيء من الأخف إلى الأثقل؛ قياساً على التكاليف ابتداء،

وقياساً على تسليط الأمراض أو الفقر، وغير ذلك من أنواع المؤذيات،

بيان ذلك:

أن اللَّه تعالى قد كلَّف عباده ابتداء بإقامة العبادات الشاقة الشديدة

- بعد أن لم يكونوا مكفَفين بشيء -، وهو مع ذلك متصف

بالرحمة والرأفة، فإذا جاز ذلك: جاز أن ينقل الحكم من الأخف -

إلى الأثقل، ولا فرق بينهما في المعنى.

وكذلك: اللَّه تعالى قد سلَّط بعض الأمراض والفقر، والهموم

والغموم، وغير ذلك من أثواع العذاب والمؤذيات على بعض

المؤمنين، ومع ذلك فهو رحيم رؤوف بهم، وإنما يصيبهم بما ذكر

ابتلاء وامتحانا لهم، وتكفيراً لذنوب قد اقترفوها في دنياهم، فهو

سبحانه لا يصيب أيَّ عبد من عبيده بأيِّ مصيبة إلا وفيها مصلحة له،

فأمر المؤمن كله خير إن أصابته سراء شكر وفيه أجر، وإن أصابته

ضراء صبر وفيه أجر.

كذلك هنا ينسخ الحكم من الأخف "إلى الأثقل ابتلاء وامتحانا

للمكلَّفين، ولمصالح يعلمها اللَّه تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015