المذهب الثاني: لا يجوز نسخ الحكم من الأخف إلى الأثقل.
ذهب إلى ذلك بعض الظاهرية كأبي بكر بن داود، ونسب إلى
كل الظاهرية، ونسب إلى بعض الشافعية.
أدلة هذا المذهب:
لقد استدل هؤلاء بأدلة، ومنها:
الدليل الأول: قوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم
العسر) .
وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى نفى إرادة العسر، والعسر هو الأشق
والأثقل، إذن اللَّه لا ينقل العباد من حكم أخف إلى حكم أثقل؛ فيه عسراً عليهم ومشقة، فلو قلنا: إنه ينسخ من الأخف إلى
الأثقل لكان ذلك تكذيباً لخبر الصادق.
جوابه:
يجاب عنه بأجوبة:
الجواب الأول: أن الآية وردت في صورة خاصة؛ حيث وردت
في سياق تخفيف الصوم عن المريض والمسافر، والخاص لا يستدل به
لإثبات قاعدة أصولية تعم كثيراً من الأحكام.
الجواب الثاني: على فرض أنها عامة، فإنا نحملها على ما فيه
اليسر والعسر بالنظر إلى المال، ولا يخفى أن التكليف بما هو أشق
في الدنيا إذا كان ثوابه المآلي أكثر وأدفع للعقاب: أنه يسر، لا عسر.
الجواب الثالث: أنه لو صح أن اللَّه لا يريد العسر لما كلف الخلق
بعبادة فيها مشقة، وهذا لا يقوله أحد.