الدليل الثالث: أن نسخ الحكم بلا بدل قد وقع، والوقوع دليل

الجواز.

فمن أمثلة ذلك: أن تقديم الصدقة بين يدي المناجاة لرسول الله

- صلى الله عليه وسلم - كان واجباً؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) ، ثم نسخ ذلك بقوله

تعالى: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ... ) .

وكان هذا النسخ بلا بدل.

ومن ذلك أيضاً: أن الشارع نهى عن ادخار لحوم الأضاحي، ثم

نسخ ذلك بلا بدل؛ حيث قال - صلى الله عليه وسلم -:

"كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي من أجل الدافة، أما الآن فكلوا، وتصدقوا، وادخروا".

ومن ذلك أيضاً: أن اللَّه تعالى أوجب على الصائم في أول

الإسلام أن يمسك بعد الفطر في أول الليل، فلو نام قبل الفطر، ثم

استيقظ ليلاً حرم عليه الطعام والشراب، ثم نسخ تحريم الأكل

والشرب في الليالي إلى غير بدل.

المذهب الثاني: أنه لا يجوز نسخ الحكم إلى غير بدل.

ذهب إلى ذلك أكثر المعتزلة، وبعض أهل الظاهر.

أدلة هذا المذهب:

استدلوا على ذلك بأدلة ومنها:

الدليل الأول: قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير

منها أو مثلها) .

وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أخبر أنه لا ينسخ شيئاً من الأحكام إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015