وذلك لما قالت الملائكة: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) .

وتناظرت الملائكة، قال تعالى: (ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون) ، وتجادلت الأنبياء فيما بينهم، فقد روى أبو هريرة - رضي اللَّه عنه -: أنه احتج آدم وموسى، فقال موسى:

يا آدم، أنت أبونا، أخرجتنا من الجنَّة، فقال له آدم: أنت موسى

اصطفاك اللَّه بكلامه، أتلومني على أمر قدره اللَّه عليّ قبل أن يخلقني

بأربعين سنة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فحج آدم موسى، فحج آدم موسى".

وجادلت الأنبياء أممها وحاجتها، قال تعالى: (قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا) ، وقال: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا

بالتي هي أحسن) ، وقال: (وجادلهم بالتي هي أحسن) .

والجدال كالسيف.

فالسيف ذو حدين: ممدوح، ومذموم.

فإن السيف يمدح إذا استعمل في الجهاد في سبيل اللَّه.

ويكون مذموماً إذا استعمل في قطع الطريق، وإخافة المسلمين.

فالسيف في نفسه آلة لا تمدح ولا تذم، وإنما الذم والمدح حسب

الاستعمال.

فكذلك الجدال في نفسه لا يذم ولا يمدح، وإنما المدح والذم

حسب الاستعمال.

فمن استعمل الجدال في صرف الحق إلى الباطل، فهو مذموم.

ومن استعمل الجدال للوصول إلى الحق الذي أمر اللَّه به، فهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015