ثم كيف ينكر المعترض ذلك مع أنه يجوز الوعد والوعيد من

العالم بعواقب الأمور بالشرط؟! ، فإن اللَّه تعالى وعد على الطاعة

بالثواب بشرط عدم ما يحبط تلك الطاعة كالردة مثلاً، وتوعَّد

سبحانه على فعل المعصية بالعقاب بشرط خلو تلك المعصية عما

يكفرها من توبة، والله سبحانه عالم بعاقبة أمر من يموت على الردة،

أو التوبة، ثم شرط ذلك في وعده ووعيده.

إذا ثبت ذلك فلا يستحيل أن يشرط الشارع في أمره ونهيه،

وتكون شرطيته بالنسبة إلى العبد الجاهل بعاقبة الأمر، فكأنه قال:

"أثبتك على طاعتك ما لم تحبطها بالردة "، وهو سبحانه عالم بأنه

سيحبط أو لا يحبط، فإذا جاز ذلك بلا خلاف: جاز أن يقول:

"أمرتك بشرط البقاء والقدرة، وبشرط أن لا أنسخ عنك ذلك الأمر".

الدليل الثاني: قالوا فيه: إنه لو جاز أن يرد الأمر بشيء في وقت

ثم يرد النهي عن فعله في ذلك الوقت: للزم من ذلك أن يكون

الشخص الواحد بالفعل الواحد في الوقت الواحد مأمورا منهيا،

وذلك محال على اللَّه تعالى؛ لأنه أمر بالشيء ونهي عنه في وقت واحد.

جوابه:

يجاب عنه: بأن ذلك يكون محالا إذا كان الغرض من الأمر هو:

حصول الفعل، أما إذا كان الغرض والمقصود هو: ابتلاء المأمور

وامتحانه، فيجوز ولا مانع من ذلك؛ فإن السيد قد يقول لعبده:

"اذهب غداً إلى موضع كذا راجلاً حافيا "، وهو لا يريد الفعل،

بل يريد امتحانه ورياضته مع ما علمه بأنه سيرفع عنه غداً ذلك قبل

فعله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015