النسخ فيها لا يكون إلا بأمر مؤكد ومحقق؛ لأن ثبوتها أولاً محقق،
فرفعها بعد العلم بثبوتها لا يكون إلا بمعلوم محقق.
***
المسألة الحادية عشرة: الأحكام التي يتناولها النسخ، والأحكام
التي لا يتناولها:
بعد تتبع واستقراء الأحكام المنسوخة وجد أن النسخ يتناول الأحكام
الشرعية الجزئية التكليفية الفرعية العملية التي تحتمل كونها مشروعة،
أو غير مشروعة في نفسها في زمن النبوة، أي: أن مصلحتها تتغير
فتكون في وقت نافعة، وفي وقت ضارة ومفسدة على ما يعلمه الله
سبحانه.
وعلى هذا، فإن النسخ لم يتناول - واقعا - الأحكام التالية:
1 - الأحكام الأصلية المتعلقة بأصول الدين والعقائد كالإيمان بالله
وملائكته، وكتبه، ورسله، والقَدَر خيره وشره، فهذه لا تقبل
التغيير والتبديل بأي حال من الأحوال.
2 - الأحكام العامة والقواعد الكلية كالأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، ولا ضرر ولا ضرار، وكل عمل ليس عليه أمرنا فهو باطل،
والبينة على المدعي واليمين على من أنكر، فهذه لا يمكن رفعها؛ مصالحها ظاهرة.
3 - الأحكام التي لا تحتمل عدم المشروعية كأمهات الأخلاق،
والفضائل كالعدل، والصدق، والأمانة، وبر الوالدين، والوفاء
بالعهد، ونحو ذلك، فإن هذه لا تنسخ؛ لأن مصلحة التخلق بها
أمر ظاهر، وحسنها لا يتغير بتغير الأزمان، ولا يختلف الأشخاص
والاءكل م فيها.