لقد بيَنت في مقدمتي لهذا الكتاب فضل علم أصول الفقه،
وأهميته، ومنزلته من بين العلوم، وهذا المبحث يزيد من أهميته
وفضله، حيث إن الأهمية والفضل لا يتضحان لعلم من العلوم إلا
إذا كان له فوائد عظيمة، لذلك عقدت هذا المبحث لبيان ماله من
فوائد، وإليك بيان تلك الفوائد:
الفائدة الأولى: إنه يُبين المناهج والأسس والطرق التي يستطيع
الفقيه عن طريقها استنباط الأحكام الفقهية للحوادث المتجددة، فإن
المجتهد إذا كان عالماً بتلك الطرق - من أدلة إجمالية وقواعد
أصولية - فإنه يستطيعَ إيجاد حكم لأي حادثة تحدث. وهذا موضوع
أصول الفقه، وقد سبق بيان ذلك.
الفائدة الثانية: إن طالب العلم الذي لم يبلغ درجة الاجتهاد،
يستفيد من دراسة أصول الفقه، حيث يجعله على بينة مما فعله إمامه
عند استنباطه للأحكام، فمتى ما وقف ذلك الطالب للعلم على
طرق الأئمة، وأصولهم، وما ذهب إليه كل منهم من إثبات تلك
القاعدة، أو نفيها، فإنه تطمأن نفسه إلى مدرك ذلك الإمام الذي
قلَّده في عين ذلك الحكم أو ذاك، فهذا يجعله يمتثل عن اقتناع،
وهذا يفضي إلى أن يكون عنده القدرة التي تمكنه من الدفاع عن وجهة
نظر إمامه.