وإن كان الثاني - وهو كونه خبراً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيجب العمل به - أيضا - لأن خبر الواحد العدل الثقة قد اتفق العلماء على العمل
فالمنقول - على التقديرين - يجب العمل به، وكل ما وجب
العمل به فهو حُجَّة.
المذهب الثاني: أن القراءة غير المتواترة ليست بحُجَّة، أي: لا
تؤثر في الأحكام الفقهية.
ذهب إلى ذلك: الإمام مالك في رواية مشهورة عنه، وهو ظاهر
مذهب الشافعي، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو الذي صححه
الآمدي، وابن الحاجب، وابن السمعاني، والنووي.
دليل هذا المذهب:
استدل هؤلاء بقولهم: إن الناقل للقراءة الشاذة لا يخلو من أمرين:
أولهما: إما أن ينقلها على أنها من القرآن.
ثانيهما: أو أنه ينقلها على أنها ليست من القرآن.
فإن كان الأول - وهو أنه نقلها على أنها من القرآن - فهذا باطل؛ اللَّه - تعالى - قد كلَّف رسوله أن يبلِّغ القرآن مجموعة من الأُمَّة
تقوم الحُجَّة بقولهم، ويحصل بخبرهم العلم القطعي، فليس للنبي
- صلى الله عليه وسلم - أن يناجي بأي آية من القرآن واحداً من الأُمة.
فإذا ثبت ذلك: فإن ما نقله هذا الواحد يكون خطأ وباطلاً؛ نظراً
لوروده عن واحد، وعلى هذا فلا يحتج به.
وإن كان الثاني - وهو أنه نقلها على أنها ليست من القرآن -
فيحتمل في ذلك احتمالين هما:
الاحتمال الأول: أنه قد أورد هذا المنقول في معرض البيان لما