صومها وهي في تلك الحال حرام، ومعلوم: أن فعل الحرام معصية،
ولا يمكن أن تؤمر أن تفعل ما تعصى في فعله، ولو ماتت قبل أن
تتمكن من صيام تلك الأيام التي تركتها لا تكون عاصية بالإجماع.
فلما لم تتمكن الحائض من أن توقع الصيام في وقته المقدَّر شرعا
للعذر - وهو الحيض - فإن فعْلها فيما بعد هو نفس الأداء الذي لم
تتمكن من فعله، وعلى هذا فلا يمكن أن يُسمَّى قضاء.
جوابه:
يجاب عنه بما ورد عن عائشة - رضي اللَّه عنها - من أنها سمَّت
فعل الصوم - بعد انتهاء رمضان - قضاء، كما سبق.
والقضاء لا يمكن أن يطلق عليه أداء ولا العكس.
أما عدم وجوب الأداء أثناء الحيض فلأن التكليف تشريف، وعبادة
لله سبحانه وتعالى، ويمتنع ذلك مع حالتها المستقذرة تلك، والشيء
الذي لم يجب هو الأداء، أما جعل ذلك في الذمة، فهو واجب لا
شك فيه.
أما عدم العصيان إذا تركت الصيام حال الحيض وماتت: فهذا
مرجعه إلى كونها غير مكلفة بفعل الصيام أداء؛ للعذر وهو:
"الحيض "، فإذا زال رجع إليها التكليف، لكن تبقى ذمتها مشغولة
حتى تفعل ما وجب عليها قضاء.
المذهب الثالث: أن المسافر والمريض لا يلزمهما الصوم في شهر
رمضان، وإذا كان الصيام في الشهر لا يلزمهما، ولا يجب عليهما
حال السفر وحال المرض، ثم فعلا الصيام بعد رمضان سمي ذلك
الفعل أداء، وليس بقضاء.