فقيل: إن العِلَّة هي: المعرِّف للحكم.
وهو تعريف فخر الدين الرازي، والبيضاوي، وكثير من العلماء.
وقيل: إن العِلَّة: المؤثر أو الموجب للأحكام بجعل اللَّه تعالى.
ذهب إلى ذلك الغزالي، وأكثر الحنفية.
وقيل: إن العِلَّة: الباعث على الحكم.
ذهب إلى ذلك ابن الحاجب والآمدي.
بيان نوع الخلاف:
الحق: أن الخلاف بين تلك الأقوال الثلاثة خلاف لفظي - كما
ذكرت ذلك في كتابي " الخلاف اللفظي عند الأصوليين "، فهو
راجع إلى تفسير كل أصحاب مذهب لما قالوه.
فكل أصحاب مذهب نظروا إلى جهة معينة غير ما نظر إليها
الآخر، ففسَّر العِلَّة باعتبار تلك الجهة.
فمن قال بأن العِلَّة: المعرِّف للحكم: نظر إلى أن الحكم يضاف
إليها، فيقال: وجب القصاص للقتل، ووجب القطع للسرقة، وهكذا.
ومن قال بأن العلَّة: المؤثر أو الموجب للأحكام بجعل اللَّه لها:
يرى أن العِلَّة تستلزمَ الحكم استلزاما عاديا بجعل اللَّه تعالى، أي:
أن كلًّا منَ الوصف والحكم من اللَّه، وقد جرت العادة بأنه متى ما
وجد السبب وجد المسبب.
ومن قال بأن العلَّة: الباعث على الحكم: يرى أنها لا بدَّ وأن
تكون مشتملة على حكمة صالحة أن تكون مقصودة للشارع.
وأصحاب هذه الأقوال متفقون على أن الموجب للحكم - حقيقة
هو اللَّه ت تعالى - وهو: المؤثر الحقيقي وحده، دون العلل والأسباب.