أما القسم الثاني - وهو: المنقول العام -: إذا عارضه القياس
فقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب: أصحها: أن القياس
يرجح على العام؛ لأنه يلزم من العمل بعموم ألعام إبطال دلالة
القياس مطلقا، ولا يلزم من العمل بالقياس إبطال العام مطلقا، بل
كل ما يلزم منه تخصيصه بالقياس، أو تأويله، ومعروف أن الجمع
بين الدليلين على وجه أوْلى من العمل بأحدهما دمابطال الآخر،
وذلك لأن القياس - المعارض للعام - يتناول المتنازع فيه بخصوصه،
والمنقول يتناوله بعمومه، والخاص أقوى من العام.
ما اعترض به على هذا:
الاعتراض الأول: أن العموم أصل للقياس، والقياس فرع،
والأصل مقدم على الفرع.
جوابه:
أن هذا الاعتراض إنما يلزم لو كان ما قيل بتقديم القياس عليه هو
أصل ذلك القياس المقدم عليه، ولكن الأمر ليس كذلك، حيث إن
القياس المقدم يجوز أن يكون فرعا لغيره.
الاعتراض الثاني: أن تطرق الخلل إلى العموم أقل من تطرقه إلى
القياس، فكيف مع ذلك يقدم القياس الكثير الخلل والاحتمالات
على العام القليل الخلل والاحتمالات.
جوابه:
أن هذا الاعتراض معارض بمثله، فإن العام يحتمل أن يكون غير
ظاهر في العموم، فيكون الخلل فيه أكثر من احتمال الخلل في
القياس.