وبعض الحنفية خالفوا في ذلك وقالوا: إنه لا يرجح بكثرة الرواة.
دليل هذا المذهب:
قياس الرواية على الشهادة، بيان ذلك:
أن شهادة الشاهدين، والأربعة فكثر سواء، ولا فرق بينهما،
كذلك خبر العدد في الرواية لا تؤثر في القبول وعدمه فيقبل الخبر
سواء كثر الرواة، أو قلوا.
جوابه:
إن هذا - قياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق، والفرق يتبين من
وجهين هما:
الوجه الأول: أن الشهادة مقدرة في الشرع بعدد، فإذا وجد هذا
العدد وجب تعليق الحكم عليه، بخلاف الخبر فإنه غير منصوص
على العدد فيه، فكان كلما كثر رواة الخبر كلما كان أقوى.
الوجه الثاني: أن الشهادة قد حُدّدت بعدد معين لفصل الخصومات
لأنه لو لم تحدد بعدد معين لقال الخصم: أنا سآتي بعدد أكثر مما أتى
به خصمي.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي، هو واضح، فأصحاب المذهب الثاني لا
يفرقون بين خبر رواه عشرة، وخبر رواه ثلاثة، أما أصحاب المذهب
الأول فهم يفرقون فيرجحون الأول، ويتركون الثاني.
الطريق الثاني: ترجيح المتواتر على الآحاد والمشهور، وهو
واضح.